شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ} [الشورى: ٢١] ليست أصلًا لدين الله ورسوله؛ بل أصل هذا الدين هو ما بينه الله ورسوله من الأدلة، كما هو مبين في موضعه؛ إذ من الممتنع أن يبعث الله رسولًا يدعو الخلق إليه، ولا يبين لهم الرسول أصل الدين الذي أمرهم به، وهذا مبسوط في غير هذا الموضع. وعلى هذا التقدير فلا يكون فيما أثبته هؤلاء ما يخالف الوهم والخيال، فتنقطع مادة التزامه بالكلية.
وقال قوم: بل نقول ما وصف الله به من العلم والقدرة، تسمى صفة ومعنى، ولا نسميه عرضًا، لأن العرض هو ما يعرض ويزول، وصفات الله لازمة، بخلاف صفة المخلوق فإنها عارضة، والتزموا لذلك وغيره أن صفة المخلوقات -وهي الأعراض- لا يبقى منها شيء زمانين.
ثم أئمة هؤلاء قالوا: وكذلك ما وصف الله به نفسه من الوجه واليد، نقول: إنه من جنس العلم والقدرة والإكرام؛ بل ما وصف الله به نفسه من الوجه واليد، هو مما يوصف من الله ويوصف الله به ولا نسميه جسمًا، لأنها تسمية مبتدعة وموهمة معنى باطلًا، ولا نقول ذلك من جنس العلم والقدرة ونحوهما، بل نقول كما يعلم الفرق في صفاتنا بين العلم والقدرة، وبين الوجه واليد ونحوهما، فإن الحقائق لا تختلف شاهدًا ولا غائبًا، كما يفرق في حقنا بين العلم والقدرة والسمع والبصر، فلكل