أحدًا من السلف والأئمة لم يتقدموا إلى من يسمع القرآن والحديث بأن يصرف قلبه وفكره عن تدبر ذلك وفهمه وتصوره، ولا أمره أن يعتقد أن هذا المعنى منه ليس بمراد، وإنما المراد بعض المعاني التي يعنيها المتأولون، أو المراد معنى آخر لا يعرف جملة ولا تفصيلًا، ولا يميز بينه وبين غيره، ولا يقال اكتفوا في ذلك بسماع قوله:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}[الشورى: ١١] وقوله: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا (٦٥) } [مريم: ٦٥] وقوله: {وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ (٤) } [الإخلاص: ٤] لأنه يقال: الذي دلت عليه هذه النصوص، هوالذي حكى عن أهل الإثبات التصريح بأن الثابت لله هو على خلاف ما يثبت للمخلوق؛ فإن هذه المخالفة هي عدم المماثلة، والنصوص تدل على ذلك، فإذا كان ما دل عليه النصوص هو الذي حكاه عن أهل الإثبات، فلو كان ذلك مردودًا أو غير ممكن القبول في التوهم والتخيل، مع أن ذلك غالب أو لازم لبني آدم لوجب أن يظهر إنكار ذلك ودفعه من عموم الخلق.
الوجه الحادي والأربعون: وهو قوله: «معلوم أن اليد والوجه بالمعنى الذي ذكروه مما لا يقبله الوهم والخيال» إما