محدثة، فمن المعلوم أن الكتاب والسنة والإجماع، لم تنطق بان الأجسام كلها محدثة، وأن الله ليس بجسم، ولا قال ذلك إمام من أئمة المسلمين، فليس في تركي لهذا القول، خروج عن الفطرة ولا عن الشريعة، بخلاف قولي: أن الله تعالى ليس فوق العالم، وأنه موجود لا داخل العالم ولا خارجه، فإن فيه من مخالفة الفطرة والشرعة، ما هو بين لكل أحد، وهو قول لم يقله إمام من أئمة المسلمين، بل قالوا نقيضه، فكيف ألتزم خلاف المعقول الفطري، وخلاف الكتاب والسنة والإجماع القديم، خوفًا أن أقول قولًا لم أخالف فيه، كتابًا ولا سنة ولا إجماعًا ولا معقولًا فطريًّا.
بل يقول في الوجه التاسع: هذه المعارضة تؤكد مذهبي وتقويه، وتكون حجة ثانية لي على صحة قولي. فإن احتججت عليّ -بأن الله تعالى مباين للعالم- بأن الموجودين إما أن يكون أحدهما مباينًا للآخر أو محايثًا له، فقلتم: هذا معارض بقول الفيلسوف: إن الموجودين إما أن يكون أحدهما متقدمًا على العالم أومقارنًا له، وذلك يستلزم القول بقدم الزمان، المستلزم للقول بقدم بعض الأجسام، فأقول: إذا كانت هذه الحجة التي عارضتموني بها مستلزمة، لكون بعض الأجسام قديمة، من غير أن تعين جسمًا، أمكن أن يكون ذلك الذي يعنونه، بأنه الجسم القديم هو الله سبحانه، كما يقوله المثبتون، وأن ذلك هو ملازم لقولنا، إنه موصوف وقائم بنفسه ونحو ذلك، فتكون هذه الحجة التي عارضتم بها، دليلًا على أن الله تعالى جسم بالمعنى الذي