حدوث البارئ، كما سنبين أن نفي الجهة يستلزم القول بعدم البارئ، وهذا أمر قد بين في غير هذا الموضع، وبُيّن أنما ذكره النفاة، من حدوث كل جسم حجة باطلة مبتدعة، حتى ذكر أبو الحسن الأشعري أن هذه الحجة مخالفة لحجج الأنبياء والرسل وأتباعهم، وأنها محرمة عندهم.
وإذا كان كذلك، فتقول لهم مثبتة الجهة: إذا كان تصحيح هاتين المقدمتين الفطريتين، يستلزم مع كون البارئ تعالى فوق العالم مباينًا له؛ أن يكون من الأجسام ما هو قديم، أمكنني التزام ذلك، على قول طوائف من أهل الكلام، بل على قول كثير منهم، ولم أكن في ذلك موافقًا للدهرية، الذين يقولون: إن الأفلاك قديمة أزلية، حتى يقال: هذا مخالف للكتاب والسنة، أو هذا كفر؛ بل الذي نطق به الكتاب والسنة، واتفق عليه المسلمون من خلق المخلوقات، وحدوث المحدثات أقول به، وأما كون البارئ جسمًا أو ليس بجسم، حتى يقال الأجسام كلها