وهؤلاء النفاة من الجهمية والمعتزلة والفلاسفة ونحوهم، يزعمون أن الرسل فيما أخبروا به من صفات الرب، خيلوا ومثلوا، حتى أخرجوا المعقول في مثال المحسوس، وكذلك يقول هؤلاء المتفلسفة أن ما أخبرت به الرسل من أمر المعاد، أمثال مضروبة لتفهيم المعاد العقلي، واللذة والألم العقليين، ويقول الفارابي وأمثاله:«إن خاصة الأنبياء جودة التخيل والتخييل» . والكلام على هؤلاء وبيان خطئهم، وضلالهم في هذا التخيل والتوهم، الذي هو غير مطابق له، موضع غير هذا، ومن أكثر أسباب غلطهم بناؤهم، على أن المعقول المجرد، يكون له وجود في الخارج، وهم إذا تدبروا ذلك علموا أن المعقولات، التي هي أمور كلية، إنما وجودها في الأذهان لا في الأعيان، وأن الخارج لا يكون فيه شيء، مما هو معقول مجرد، وهي الأمور الكلية، إلا أن يراد بالمعقول في قولهم: مثلوا المعقول في صورة المحسوس؛ ما يحسه الإنسان بنفسه دون جسده، فهذا في الحقيقة محسوس موجود، لكن بالحس الباطن، والوجد الباطن، ليس معقولًا محضًا، ولا في تمثل أن الإنسان يحس جوعه، وشبعه ولذته، وألمه، أنه ينتقل حكمه من