السنة وغيرهم، على أن العباد لم يعرفوا كنهه في الدنيا، تنازعوا في إمكان ذلك، وفي حصول ذلك، عند رؤيته في الأخرى، وهذا يبين أن معرفة حقيقته وكنهه بالحس، أولى منها بالعقل، ثم الخيال والوهم يتبع الحس، فهذا قد يستدل به، على إمكان معرفة كنهه وحقيقته، بالحس والخيال والوهم.
الوجه الثاني والثلاثون: قوله: «وذلك اعتراف بثبوت أمر، على خلاف ما يحكم به الوهم ويقضي به الخيال» كما أنه لا يلزم من عدم وصول العلم والعقل إلى كنه الذات، أن يكون على خلاف، ما يقضي به العلم والعقل، ويحكم به الحس كما تقدم، مع أن هذه العبارة هنا ليست ظاهرة المعنى.
الوجه الثالث والثلاثون: أن لفظ «الوهم» ، و «الخيال» في هذه المواضع التي ذكرتها تحتمل شيئين؛ فإن هذه الألفاظ كثيرًا ما تستعمل، فيما يتوهمه الإنسان ويتخيله، مما لا يكون له حقيقة في الخارج، مثل ما يتخيل جبل ياقوت، وبحر زئبق، ونحو ذلك، ومثل ما يتوهم شخصًا أنه عدوه ويكون وليه، أو أنه وليه ويكون عدوه، وأمثال هذه الاعتقادات، التي لا تكون مطابقة، ترتسم في نفس الإنسان فيتخيلها ويتوهمها، وتكون باطلة من