ذكرتموه -الذي نقول: إنه ملازم لكونه موصوفًا، وقائمًا بنفسه وإن نازعتم في الملازمة- وذلك يدل على صحة الحجة الأولى بالاتفاق؛ فإن الجسم وما يقوم به إما أن يكون مباينًا لغيره، وإما أن يكون محايثًا له، أو حال فيه. وهذا متفق عليه، فإنكم لا تنازون في أن الجسم، أو ما يقوم به إما مباينًا لغيره أو محايثًا له، وإذا كان مُوجَبُ الحجة التي أَلزمتموني إياها يلزمني؛ أن أقول هو جسم، وذلك يستلزم أن يكون مباينًا للعالم، كان هذا الذي ألزمتموني به حجة ثانية، على أنه مباين للعالم، فأردتم معارضة كل حجة بالأخرى، ليكون ما قلتموه من تناقض الحجتين نافيًا لكونه مباينًا للعالم، ولكون كل جسم محدثًا، فتبين أن الحجتين متعاونتان متصادقتان، وأن كل واحدة منهما تدل على أنه تعالى مباين للعالم.
ويقول في: الوجه العاشر: إذا كانت إحدى هاتين المقدمتين الضروريتين تستلزم أنه مباين للعالم والأخرى تستلزم أنه جسم، فقد ثبت بموجب هاتين المقدمتين صحة قول القائلين بالجهة وقول القائلين بأنه جسم، وكونه جسمًا يستلزم القول بالجهة، كما توافقون عليه، وقول القائلين بالجهة يستلزم أيضًا القول بالجسم، كما تقولون أنتم. وأكثر العقلاء خلاف ما يقوله قدماء أصحابكم: إن نفي الجسم، مستلزم لنفي الجهة والعلو على