أن يريد به المعنى الذي يذكره المتكلمة الصفاتية الذين يقولون: هذه صفات معنوية، كما هو قول الأشعري والقلانسي وطوائف من الكرامية وغيرهم، وهو قول طوائف من الحنبلية وغيرهم. وإما أن يريد بمعنى: أنها أعيان قائمة بأنفسها.
فإن أراد به المعنى الأول فليس هو الذي حكاه عن الحنبلية؛ فإنه قال:«وأما الحنابلة الذين التزموا الأجزاء والأبعاض فهم أيضًا معترفون بأن ذاته مخالفة لسائر الذوات» إلى أن قال: «وأيضًا فعمدة مذهب الحنابلة أنهم متى تمسكوا بآية أو خبر يوهم ظاهره شيئًا من الأعضاء والجوارح صرحوا بأنا نثبت هذا المعنى لله على خلاف ما هو ثابت للخلق، فأثبتوا لله وجهًا بخلاف وجوه الخلق، ويدًا بخلاف أيدي الخلق، ومعلوم أن اليد والوجه بالمعنى الذي ذكروه مما لا يقبله الوهم والخيال» ، فإذا كان هذا قوله فمعلوم أن هذا القول الذي حكاه هو قول من يثبت هذه بالمعنى الذي سماه هو «أجزاءً، وأبعاضًا» فتكون هذه صفات قائمة بنفسها، كما هي قائمة بنفسها في الشاهد، كما أن العلم والقدرة قائم بغيره في الغائب والشاهد، لكن لا تقبل التفريق والانفصال، كما أن علمه وقدرته لا تقبل الزوال عن ذاته، وإن كان المخلوق يمكن مفارقة ما هو