قائم به، وما هو منه يمكن مفارقة بعض ذلك بعضًا، فجواز ذلك على المخلوق لا يقتضي جوازه على الخالق، وقد علم أن الخالق ليس مماثلًا للمخلوق، وأن هذه الصفات وإن كانت أعيانًا فليست لحمًا ولا عصبًا ولا دمًا ولا نحو ذلك، ولا هي من جنس شيء من المخلوقات.
فإذا كان هذا هو القول الذي ذكر [أنه] تنفيـ[ـه] الحنابلة، وأن هذا هو الظاهر، فلو كان هذا مما لا يقبله الوهم والخيال لوجب نفرة من سمع القرآن والحديث عن ذلك من الكفار والمؤمنين، ولوجب أن يكون المشركون يقدحون فيه بأنه جاء بما تنكره الفطرة، ولوجب أن المؤمنين عوامهم وخواصهم يكون عندهم في ذلك شبهة وإشكال حتى يسألوا عن ذلك، كما وقعت الشبهة عند من سمع ذلك واعتقد نفي هذا المعنى، إذ يرى ذلك متناقضًا ولوجب أن علماء السلف وأئمة الأمة يتكلمون بما ينفي هذا المرض ويزيل هذه الشبهة، ويكون ذلك من أعظم الطاعات بل من أكبر الواجبات، فلما لم يكن شيء من ذلك، علم أن هذا الذي ذكرته عنهم ليس هو مما ينكره الوهم والخيال.