يفعلها بذاته تناسب ذاته، وكانت أعظم وأجل من أن يدرك عقول البشر قدرها، وإذا كان من المعلوم أن حدوث هذه المتكونات من استحالة العناصر والمولدات أعظم نسبة إلى الفلك من الخردلة إلى الإنسان العظيم -إذ في الإنسان من قدر الخردل أكثر مما في الفلك من قدر العناصر والمولدات- فنسبة الأفلاك وما فيها إلى الرب تعالى دون نسبة حوادثها المتكونة إلى الفلك، فإذا جاز أن تكون هذه محدثة بحركة مشهودة حادثة في الفلك، فحدوث الفلك وما فيه لفعل يفعله الرب أولى بالجواز؛ وأبعد عن الامتناع -وله المثل الأعلى- هذا مع أن هذه المحدثات إنما هي منسوبة عندهم إلى فيض العقل الفعال، مع إعداد حركات جميع الأفلاك للقوابل، وحينئذ فتكون نسبة المحدثات إلى ذلك نسبة كَثْرة، أعظم من نسبة الخردلة إلى الإنسان بكثير. ولهذا يظهر ذلك للعباد في المعاد، إذا قبض الجبار الأرض بيده وطوى السموات بيمينه ثم هزهن وقال:«أنا الملك أين ملوك الأرض؟»«أين الجبارون؟، أين المتكبرون؟» .