لا يعقل موجود إلا كذلك فهؤلاء عندهم إذا فسرت الحد بما ليس بجسم ولا جوهر يقولون لك فسرته بالمعدوم مثل أن تفسره بما ليس بخالق ولا مخلوق أو تفسره بما ليس بقديم ولا محدث فتحتاج أولاً أن تثبت وجود موجود غير الجسم ليمكنك تفسير لفظ الأحد به وإذا كان حجتك موقوفة على هذه المقدمة فلو ثبتت هذه المقدمة استغنيت عن هذه الأدلة التي ذكرت أنها سمعية لا تتم الوجه التاسع أن يكون لفظ الحد لا يقال على الجسم والجوهر ليس نصًّا في اللغة ولا ظاهرًا بل إن كان صحيحًا فإنما يُعلم بهذه المقدمات الخفية التي فيها نزاع عظيم بين أهل الأرض ومعلوم أن إفهام المخاطَبِين بمثل هذه الطريق لا يجوز وليس هذا من البلاغ المبين الذي وصف الله به الرسول وقد وصف كتابه بأنه بيان للناس وليس هذا من البيان في شيء لاسيما والقوم كانوا يستعملون لفظ الواحد والأحد في كلامهم وهم لا يعلمون إلا الجسم أو ما قام به لا يطلقون هذا اللفظ إلا على ذلك فإذا قصد بهذا الفظ أن يبين لهم أن معناه ما لا يكون جسمًا كانوا قد خوطبوا بنقيض معنى لغتهم ولو فرض أن لغتهم لا تنفي هذا فهي لا تدل عليه