مذهب الحكماء إثبات العلو فوق المخلوقات، مع أنَّ مذهبهم تفسير الرؤية بزيادة العلم، وأن القرآن خلقت حروفه في النبي صلى الله عليه وسلم ونحو ذلك، فلم يتصدَّ «الأشعري» لردِّهم [ردا] ، يشتهر عن المعتزلة إظهار الخلاف فيه، وبيان تناقضهم فيه، فلذلك لم يكن خلافهم فيه من شعائر مذهبه، بل يوافقهم في أصول، قال بعض متبعيه: فبما أنها مستلزمة نفي العلوِّ على العرش، وإن كان «الأشعري» وأئمة أصحابه لم يقولوا ذلك، وقد علم أهل العلم المعرفة والعقل والبصيرة؛ أن تلك الأصول، التي وافقهم عليها، أقوى استلزامًا لقولهم فيما أظهر فيه منها، لما لم يشتهر عنه خلافهم فيه، ولهذا صار جمهور الناس من المثبتة والنافية، يعدون ما عليه هؤلاء المثبتين للرؤية والكلام وغير ذلك، مع نفي العلو على العرش من أعظم الناس تناقضًا في الشريعة والسنة وفي العقول والقياس، ولهذا [من] حقق منهم «كالرازي» وأمثاله، يميلون في الباطن إلى النفي في مسألة الرؤية أيضًا وغيرها.