وإذا كان هذا هو المعروف من لفظ الجهة والحيز في الموجودات المخلوقة فنقول إذا قيل إن الخالق سبحانه في جهة فإما أن يراد في جهة له أو جهة لخلقه فإن قيل في جهة له فإما أن تكون جهة يتوجه منها أو جهة يتوجه إليها وعلى التقديرين فليس فوق العالم شيء غير نفسه فهو جهة نفسه سبحانه لا يتوجه منها إلى شيء موجود خارج العالم ولايتوجه إليها من شيء موجود خارج العالم وليس هناك شيء موجود غير نفسه يتوجه منه ولا يتوجه إليه ومن قال إن العالم هناك ليس في جهة بهذا الاعتبار فقد صدق ومن قال إنه جهة نفسه بهذا الاعتبار فقد قال معنى صحيحًا ومن قال إنه فوق المخلوقات كلها في جهة موجودة يتوجه غليها أو يتوجه منها خارجة عن نفسه فقد كذب وإن أريد بما يتوجه منه أو يتوجه إليه ما يراد بالحيز الذي هو تقدير المكان فلا ريب أن هذا عدم محض وأما الحيز فقد يحوز المخلوق جوانبه وحدود ذاته وقد يحوزه غيره فمن قال إن الباري فوق العالم كله يحوزه شيء موجود ليس هو داخلاً في مسمى ذاته فقد كذب فإن كل ما هو خارج عن نفس الله التي تدخل فيها صفاته فإنه من العالم ومن