ذلك بل كون الله تعالى هو العلي الأعلى المتعالي فوق العالم أمر واجب ونقيضه وهو كونه ليس فوق العالم ممتنع فثبوت علوه بنفسه على العالم واجب ونقيض هذا العلم ممتنع هذا هو الذي اتفق عليه أهل الإثبات من سلف الأمة وأئمتها وسائر أهل الفطر السليمة المقرة بالصانع وأما ما ذكره من قول القائل يجب أن يكون مختصًّا بجهة فوق ويمتنع حصوله في سائر الجهات والحياز فهؤلاء يريدون بذلك أنه يجب أن يكون فوقنا ويمتنع أن يكون تحتنا أو عن يميننا أو عن شمائلنا وهم لا يعنون بذلك أنه يكون متصلاً برؤوسنا بل يعنون أنه فوق الخالق فالعبد يتوجه إليه هناك لا يتوجه إليه من تحت رجليه أو عن يمينه أو عن شماله وقد قلنا إن الجهة فيها معنى الإضافة فالعبد يتوجه إلى ربه بقلبه إلى جهة العلو لا إلى جهة السفل واليمين واليسار كما قال ابن عباس وعكرمة في قوله تعالى عن إبليس ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ {١٧}[الأعراف ١٧] قال ولم يقل من فوقهم لأنه علم أن الله من فوقهم