بلا كيف، وهو في كل مكان من الأمكنة المخلوقة بعلمه لا بذاته، إذ لا تحويه الأماكن، لأنه أعظم منها، وقد كان ولا مكان، ولم يحل بصفاته عما كان، إذ لا تجري عليه الأحوال، لكن علوه في استوائه على عرشه، هو عندنا بخلاف ما كان قبل أن يستوي على العرش لأنه قال:{ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ}[الأعراف: ٥٤] و «ثم» أبدًا لا تكون أبدًا إلا لاستئناف فعل يصير بينه وبين ما قبله فسحة، فهو سبحانه وإن كان لا يزول ولا يحول فقد يزيل المخلوقات دونه، ويحيلها كيف يشاء، فصار بكونه على عرشه في وصفنا بخلاف ما كان قبل ذلك، هذا حكم وصفنا لاستوائه على عرشه سبحانه، ففرق بين ذاته وعلمه من جملة الحكم والمعنى، إذ لا تخلو الأماكن من علمه، وهو بائن عن جميعها بذاته، وإن كان محيطًا بها جميعًا عظمة وجلالًا» .
إلى أن قال: «وقوله: {عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (٥) } [طه: ٥] فإنما معناه عند أهل السنة على غير الاستيلاء والقهر والغلبة والملك الذي ظنت المعتزلة، ومن قال بقولهم: إنه معنى الاستواء، وبعضهم يقول: إنه على المجاز دون الحقيقة، ويبين