العالم ما يجب تنزيه الله عنه وهؤلاء قد زعمواأنهم نزهوه عن الحيز والجهة فلا يكون مفتقرًا إلى غيره فأحوجوه بهذا التنزيه إلى كل شيء وصرحوا بهذه الحاجة كما ذكرناه في غير هذا الموضع فسبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوًّا كبيرًا وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً {٨٨} لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً {٨٩} تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً {٩٠} أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَداً {٩١} وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَداً {٩٢} إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً {٩٣} لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً {٩٤} وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً {٩٥}[مريم ٨٨-٩٥] ومع هذا فهؤلاء أقرب إلى الإثبات وإلى العلم من إثبات مباينة لا تعقل بحال وهو مباينة من قال لا داخل العالم ولا خارجه فإن هذه ليست كشيء من المباينات المعروفة التي أدناها مباينة العرض للجسم أو للعرض بحقيقته وأن ذلك يقتضي أن يكون أحدهما في الآخر أو يكونان كلاهما في محل واحد وإذا كلن هؤلاء النفاة لم يثبتوا له مباينة تعقل وتعرف بين موجودين علم أنه في موجب قولهم معدومًا كما اتفق سلف الأمة وأئمتها على ذلك حقيقة قول هؤلاء الجهمية الذين يقولون إنه ليس فوق العرش إنهم جعلوه معدومًا ووصفوه بصفة المعدوم