ولهذا يفرق من يفرق بين العدم المحض وعدم الصفة عما من شأنه أن يقبلها فإن الأعمى والأصم ونحو ذلك لا يوصف به المعدوم المحض ولايقال أيضًا للعدم المحض إنه جاهل أو عاجز أويثبت له أنه لا عالم ولا قادر بل كل صفة تستلزم الثبوت يمتنع أن يوصف بها المعدوم فإذا قيل الأعمى والأصم كان ذلك نفيًا للسمع والبصر عما يقبله لا عن المعدوم الذي يمتنع أن يوصف بثبوت فَفَرْقٌ بين نفي الصفة التي يمكن ثبوتها للموصوف في الذهن أوفي الخارج ونفي الصفة التي لا يكون لا في الذهن ولا في الخارج ثبوتها للموصوف فإذا قيل المعدوم لا يتناهى أو المعدوم غير متناهٍ كان المعنى أن المعدوم ليس له حقيقة تكون متناهية أو غير متناهية كما ليس له حقيقة تقبل أن تكون حية أوغير حية أو عالمة أو غير عالمة أو قادرة أو غير قادرة فإذا قيل قول القائل في الله إنه غير متناهٍ بمعنى أن ذاته لا تقبل الوصف بالنهاية وعدمها كان ذلك بمنزلة قول القائل إن الله ليس بأصم ولا ميت ولا جاهل بمعنى أن ذاته لا تقبل الوصف بهذه الصفات وعدمها فيكون المعنى حينئذ أنه لا يقال أصم ولايقال غير أصم ولا يقال ميت ولا يقال غير ميت وهذا شر من أقوال الملاحدة الذين يمتنعون من إثبات الأسماء