كان كذلك امتنع كونه تعالى في الحيز والجهة بيان الأول أنه إذا حصل خسوف قمري فإذا سألنا سكان أقصى المشرق عن ابتدائه قالوا إنه حصل في أول الليل وإذا سألنا سكان أقصى المغرب قالوا إنه حصل في آخر الليل فعلمنا أن أول الليل في أقصى المشرق هو بعينه آخر الليل في أقصى المغرب وذلك يوجب كون الأرض كرة وإنما قلنا إن الأرض لما كانت كرة امتنع كون الخالق في شيء من الأحياز وذلك أن الأرض إذا كانت كرة فالجهة التي هي فوق بالنسبة إلى سكان أهل المشرق هي تحت بالنسبة إلى سكان أهل المغرب وعلى العكس فلو اختص الباري بشيء من الجهات لكان تعالى في جهة التحت بالنسبة إلى بعض الناس وذلك باطل بالاتفاق بيننا وبين الخصم فثبت أنه يمتنع كونه مختصًّا بالجهة والكلام على هذا أن يقال هذا الذي ذكره مبني على أن الأرض مستديرة والأفلاك مستديرة وهذا القدر قد ينازعه فيه