المستقيم صراط الذين أنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً وبيان ما في الحديث الصحيح من قوله وأنت الظاهر فليس فوقك شيء وأنت الباطن فليس دونك شيء أنه من المعلوم أن فوق ودون من الأسماء التي تسميها النحاة ظروف المكان لدلالة لفظها على المكان اللغوي فأما لفظ الفوق فظاهر وهو بحسب المضاف إليه فكون الشيء فوق لا ينافي أن يكون تحت غيره وانتفاء أن يكون فوقه شيء لا يمنع أن يكون تحته شيء فقوله وأنت الظاهر فليس فوقك شيء فنفى أن يكون فوق الله شيء وذلك يقتضي أنه سبحانه وتعالى أكمل شيء ظهوراً والظهور يتضمن العلو فلهذا قال فليس فوقك شيء ولم يقل فليس أظهر منك شيء لأنه لو أراد مجرد الانكشاف والتجلي للناس لنَافَى ذلك وصفه بالبطون لأن كون الشيء ظاهراً بمعنى كونه معلوماً أو مشهوداً ينافي كونه باطناً ولكن الظهور يتضمن معنى العلو ومن شأن العالي أبداً أن يكون ظاهرا متجلياً بخلاف السافل فإن من شأنه أن يكون حفياً لأنه إذا علا تراءى للأبصار فرأته فهو سبحانه مع ظهوره المتضمن علوه فلا شيء فوقه وهو أيضاًَ باطن فلا شيء دونه ولفظ الدون ليس المراد به الدون أي الناقص ولكن لما