بالمكان الذي هو دون السدين والسدان هما المضاف إليهما فكونهما دون السدين هو بالنسبة إلى ذي القرنين الذين وجدهما هناك فإنه وجدهم إليه أدنى وأقرب والسدان أبعد والقرب إليه أحق بالظهور والبيان والبعيد عنه أولى بالاحتجاب والاستتار هذه هي العادة فيما يقرب إلينا ويبعد عنا من الأجسام ولو جاء أحد من جهة السد لقال وجدت هؤلاء دون ذي القرنين فالشيء الذي بين اثنين يقول هذا هو دونك ويقول الآخر هذا دونك وكل منهما صادق كما لو كان بينهما حائط أو نهر أو بحر لقال هؤلاء لأهل تلك الناحية هذا دونكم وكذلك يقول الآخرون هذا دونكم كما أن كل أهل جانب يقولون عن الأخرى هم من وراء هذا الحائط ومن خلفه إذ الجهات أمور نسبية إضافية وكذلك قال تعالى وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَانِ {٦٢}[الرحمن ٦٢] فهاتان دون تلك والوليان فوق هاتين وهاتان أدنى إلينا ولهذا صار في هذا اللفظ معنى القرب والبعد من وجه ومعنى الاحتجاب والاختفاء من وجه فقوله وأنت الباطن فليس دونك شيء نفى أن يكون شيء دونه كما نفى أن يكون فوقه ولوقدر فوقه شيء لكان أكمل منه في العلو البيان إذ هذا شأن الظاهر ولو كان دونه شيء لكان أكمل منه في الدنو والاحتجاب إذ هذا شأن الباطن وهذا يوافق قوله إنكم