لكانت حقيقة ذلك الحيز مخالفة لحقيقة سائر الأحياز ولو كان كذلك لكانت الأحياز أموراً وجودية لأن العدم الصرف يستحيل أن يخالف بعضه بعضاً ولو كانت الأحياز أموراً وجودية لكان إما يمكن الإشارة الحسية إليها أو لا يمكن فإن أمكن فذلك الشيء إما أن يكون منقسماً فيكون الباري الحال فيه منقسماً أو لا يكون منقسماً فيكون ذلك الشيء مختصاً بجهة دون جهة فيكون للحيز حيز آخر ويلزم التسلسل وإن لم يمكن الإشارة الحسية إلى الحيز الذي حصل الباري تعالى فيه وجب استحالة الإشارة الحسية إلى الباري تعالى لأنا نعلم بالضرورة أن ما لا يمكن الإشارة الحسية إلى جهته استحالت الإشارة الحسية إليه فإذاً لا يكون الباري في الجهة وهو المطلوب وأما إن لم يكن حصول الباري واجباً فاختصاصه بها لابد وأن يكون لفاعل مختار سواء إن كان بواسطة معنى أو لا بواسطة معنى وكل ما كان فعلاً لفاعل مختار فهو محدث فاختصاص الباري بالحيز محدث فهو إذاً في الأزل ما كان حاصلاً في الحيز والشيء الذي لا يكون كذلك استحال أن يصير محتاجاً إلى الحيز فثبت أن الباري يمتنع