أن يكون نزاعهم لفظياً أو معنوياً فإن كان لفظياً لم يكن ذلك منافياً لاتفاقهم من جهة المعنى وإن كانت المعاني متفقة لم يضر اختلاف الألفاظ إلا إذا كان منهياً عنها في الشريعة وإن كان النزاع معنوياً فهو أيضاً قسمان أحدهما اختلاف تنوع بأن يكون هؤلاء يثبتون شيئاً لا ينفيه هؤلاء وهؤلاء ينفون شيئاً لا يثبته هؤلاء فهذا أيضاً ليس باختلاف معلوم إلا إذا كان كل منهما يدفع ما يقوله الآخر من الحق فإذا كان أحدهما يثبت حقاً والآخر ينفي باطلاً كان على كل منهما أن يوافق الآخر وإذا اختلفا كانا جميعاً مذمومين وهذا من الاختلاف الذي ذمه الله تعالى في كتابه حيث قال سبحانه وتعالى وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ {١٧٦}[البقرة ١٧٦] وقال وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ [آل عمران ١٠٥] وأمثال ذلك وإن كانا قد تنازعاً حقيقياً هما فيه متناقضان على حقيقة التناقض بحيث أن يكون أحدهما ينفي ما أثبته الآخر فهذا بعد اتفاقهم على إثبات أنه فوق العرش فوق العالم ومخالفتهم جميعاً للمعتزلة الذين سلك هذا الرازي وأمثاله مسلكهم في كتابه هذا التأسيس إنما يكون بأن يقول المثبت كونه فوق