بل نفس الإحساس وما يتبعه من ملاءمة ومنافرة فيه خصوص في سببه ومقصوده بخلاف السمع والبصر فإنهما طريقان إلى حصول العلم فيهما العلم الكلي في القلب والبصر يحصل به العلم بنفس الحقائق الموجودة والسمع يحصل به العلم بما يقال من أسمائها وصفاتها كان السمع والبصر في كتاب الله مخصوصين بالذكر دون غيرهما من الإحساس فيقال أما قوله في الوجه الأول مدارها على أن كل موجودين في الشاهد فلابد وأن يكون أحدهما محايثاً للآخر أو مبايناً عنه بالجهة قوله وهذه المقدمة ممنوعة فنقول منع هذه من أعظم السفسطة فإن الشاهد ما نشهده بحواسنا الظاهرة أو الظاهرة والباطنة وليس فيما نشهده شيء إلا محايث لغيره وهي الصفات التي هي الأعراض أو مجانب له بالجهة وهي الأعيان القائمة بنفسها وهي الجواهر فمن منع أن يكون المشهود لا يخلو عن أحد هذين الوصفين فقد منع أن تنقسم المشهودات إلى الجواهر والأعراض ومعلوم أن هذا خلاف اتفاق الخلائق من الأولين والآخرين وخلاف ما يعلم بالضرورة والحس فإن الشيء المشهود إما قائم بنفسه وهو مباين لغيره وإما قائم بغيره وهو محايث له