الثاني أن يقال ما تعني بقولك فلابد وأن يكون محايثاً له أو مبايناً عنه في أي جهة كان أتعني أن العقل يشهد أنه لابد من وجوب المباينة ولو بأي جهة كان أو تعني أنه لابد مع وجوب المباينة من جواز المباينة من جميع الجهات فهذان معنيان متغايران فإن وجوب مطلق المباينة من غير تعيين جهة غير وجوب المباينة ووجوب جوازها بكل جهة فإن عني أن كل موجودين فإنه ولابد أن يتحايثا أو يباين أحدهما الآخر وأنه لابد مع ذلك أن يجوز مباينته من جميع الجهات فهذا القدر ليس معلوماً بالبديهة ولا بالحس وكثير من الناس ينازع في كثير من ذلك وبالجملة ليس هذا هو العلم البديهي الذي يعلم في المشهودات فإنا لا نعلم أن كل ما هو قائم بنفسه يجوز أن يكون في جميع الجهات من كل قائم بنفسه هذا لا يعلم بالبديهة بحال وإذا لم يكن معلوماً بالبديهة لم يجب أن يعلل بعلة تعم الوجود حتى نعلم ثبوته وحينئذ فمن الناس من يقول ليس هذا ثابتاًً لجميع المخلوقات ومنهم من يثبته للمخلوق دون الخالق وإذا كان الأمر كذلك فإن المنازع يقول قد قام الدليل على أن هذا ليس ثابتاً لجميع الموجودات وليس هو مما علم بالبديهة أنه يشترك فيه جميع