الكلام لم يكونوا يتصورون من ذلك إلا رؤية ما كان في الجهة وأن ما سوى ذلك لم يكن معلوماً ولا متصوراً لهم من لفظ الرؤية ومع هذا فالنبي صلى الله عليه وسلم وأهل الإجماع من الصحابة والتابعين أخبروا الخلق بأنهم يرون ربهم ولم يقولوا برؤية في غير جهة ولا ما يؤدي هذا المعنى بل قال كما ترون الشمس والقمر فمثل رؤيته بالرؤية لما هو في جهة علم بالاضطرار أن الرؤية التي تدل عليها نصوص الرسول وإجماع السابقين هي الرؤية التي كان الناس يعرفونها وهي لما يكون في الجهة وهذا بين وأيضاً فقد أخبر أن ما لا يكون في جهة تسمى رؤيته إدراكاً وأن لفظ الإدراك إذا أريد به الرؤية فهي رؤية مخصوصة وهي رؤية المتناهي الذي يكون في جهة فأما الشيء الذي لا يكون في جهة فلا تسمى رؤيته إدراكاً وإذا كان كذلك فيكون قوله تعالى لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ أي متناهياً لا تحيط به ولا تدركه متناهياً محدوداً وهذا الذي ذكره جيد وإن كان لم يستوف حجته فإن أئمة السلف بهذا فسروا الآية وما ذكرته المعتزلة عن ابن عباس أنه تأول الآية على نفي الرؤية كذب على ابن عباس بل قد ثبت عنه بالتواتر أنه كان يثبت رؤية