بالاتفاق من الأمم المختلفة الآراء على الإشارة إلى فوق عند الدعاء وطلب الإجابة من الله وأن ذلك يدل على علمهم بالضروري بأن الذي يطلب منه تحصيل المطالب وتيسير العسير في تلك الجهة ولهذا لما قال النبي صلى الله عليه وسلم للأمة أين ربك قال فأشارت إلى السماء فقال إنها مؤمنة وقال والجواب عما تمسكوا به ثالثاً من الإشارة إلى فوق سببه الإلف والعادة وجريان الناس على ذلك فإنهم ما شاهدوا عالماً قادراً حياً إلا جسماً فكما أن من لم يشاهد إلا إنساناً أسود فحين يمثل في نفسه إنساناً يخاطبه إنما يسبق إلى نفسه أنه أسود لا غير ومن لم يسمع من اللغات إلا العربية فحين يمثل في نفسه معنى إنما سبق إلى نفسه التعبير عن ذلك المعنى بلفظ العرب وكذلك سبق إلى الوهم أن من يدعو حياً عالماً قادراً على ما يشاهد عليه الأحياء القادرين ويتبع ذلك أنه في مكان ولأن العلو أشرف لأن الأنوار فيه ولأن الرأس لما كان أشرف الأعضاء كان ما يليه أشرف الجهات فيسبق إلى فهم الداعي أن من يعتقد عظمته إذا كان في جهة وجب أن يكون في جهة العلو فلسبب هذه الأمور وأمثالها وقعت الإشارة