للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دفعه، ولا يسوغ فيه غير ذلك، وأما في مقامات المجاز فكذلك أيضًا؛ لأنه يقال: فلان وجه القوم. لا يراد به ذات القوم، إذ ذوات القوم غيره قطعًا ويقينًا، ويقال: هذا وجه الثوب. لما هو أجوده، ويقال: هذا وجه الرأي. أي أصحه وأقومه، وأتيت بالخبر على وجهه أي على حقيقته. إلى أمثال ذلك مما يقال فيه الوجه، فإذا كان هذا هو المستقر في اللغة، وجب حمل هذه الصفة في حق الباري تعالى على ظاهر ما وضعت له، وهو الصفة الزائدة على تسمية قولنا: ذات، وهذا جلي واضح» .

قال: «وتمهيد هذا الكلام وتقريره، أنه لا يجوز أن يقال بوجه الله على ما قيل في وجه القوم أنه سيدهم، والمعرب عنهم، والمشار إليه دونهم، لأن ذلك يقتضي بمثله في حق الله أن يقال: سيد الله، والمشار إليه، وهذا في حقه محال، ولا يجوز أن يراد به ما أريد من قولهم هذا وجه الثوب أي: أحسنه وأجوده لما ذكرنا أيضًا، ولأنه لا يجوز أن يضاف إلى ذاته ولا إلى غيره، لأنه تعالى ليس موصوفًا بالحسن والجودة. ولا يجوز أن يراد به ما أريد بأنه وجه الرأي أنه صوابه، لأنه لا يعبر بذات الله عن الصدق في الخبر والصحة في الرأي. فإذا بطلت هذه الأقسام وجب أن تحمل على إثبات صفة هي الوجه التي يستحقها الحي.

<<  <  ج: ص:  >  >>