من الحياة والعلم والقدرة أيضًا كذلك، فإن العلم في الشاهد عرض، قائم يقدر نفيه بطريق ضرورة أو اكتساب، وذلك غير لازم مثله في حق البارئ، لأنه مخالف للشاهد في الذاتية وغير مشارك في إثبات ماهية، ولا مشارك لها في كمية ولا كيفية، وهذا الكلام واضح جلي.
وأما قولهم: إن أردتم إثبات صفة تقارب الشاهد، فيما يستحق مثله الاشتراك في الوصف، فهذا هو التشبيه بعينه.
فنقول لهم: المقاربة تقع على وجهين: أحدهما: مقاربة في الاستحقاق لسبب موجبه التمام والكمال، وتنفي النقص. الثاني: مقاربة في الاستحقاق لسبب تقتضيه الحاجة ويوجبه الحس، ومحال أن يراد به الثاني؛ لأن الله تعالى قد ثبت أنه غني غير محتاج، ولا يوصف بأنه يحتاج إلى الإحساس؛ لما في ذلك من النقص. فيبقى الأول، وصار هذا كإثبات الصفات الموجبة للكمال ودفع النقص.
وأما قولهم: إن ذلك يوجب إثبات الجوارح والأعضاء. فليس بصحيح من جهة أنه يكتسب بها، ما لولا ثبوتها له لعدم الاكتساب له مع كونه محتاجًا إليه؛ ولهذا سميت الحيوانات المصيودة، كسباع الطير والبهائم جوارح، لأنها تكتسب