والوجه الخامس أن قوله وأما الباري تعالى كما خالف العالم في الحقيقة وفي الزمان فليس حالاًّ فيه لا محلاًّ له ولا بينهما مشاركة في الحدوث والإمكان والحاجة فلما كان كذلك كان الاختلاف بين الباري وبين العالم أتم من الاختلاف بين الحالّ وبين المحل يقال له أما عدم المشاركة في الحدوث والإمكان والحاجة فمرجعُها إلى ثبوت الوجوب وإلى القدم وذلك لا يخرج عن المخالفة بالحقيقة أو الزمان كما تقدم وأما كونه ليس حالاًّ فيه ولا محلاًّ له فيقال له إن أردت بهذا أنه مباين عنه بالجهة والمكان فهو المطلوب وإن أردت بذلك أنه ليس حالاًّ ولا محلاًّ ولا مباينًا بالجهة فهذا غير معقول ولا متصوَّر فإما أن يقول إنه معقول والمنازع مكابر فهم يحلفون بالأيمان المغلظة أن هذا غير معقول لهم وهم أمم عظيمة وفيهم من الصدق والديانة ما يمنع إقدامهم على الكذب ولقد خاطبتُ بهذا طوائف مع ذكائِهم وصحة فطرتهم فلم يكن فيهم من يتصور ذلك أو يعقله وإن ادّعيت أنه معقول لطائفة دون طائفة فهذا لا يستقيم عندك لاشتراك الناس في المعقولات وإن قيل إن ذلك لاختصاص بعضهم زيادة ذكاء أو فطنة