للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى إثبات المماسة، أثبتنا الفعل للنص عليه، واستغنينا عن المماسة بواسطة.

قالوا: الأصل في اليد الفاعلة، أن تكون جارحة، عند التعارف والإطلاق، فانتقلنا عن ذلك إلى تأويلها في حق آدمي بما يصلح وهو النعمة. واليد في اللغة تقال: ويراد بها النعمة والمنة: ولهذا يقال: له عندي يد. وله عندي أيادٍ. والله تعالى له في خلق آدم عليه السلام نعمتان: نعمة دين، ودنيا، فاقتضى ذلك تأويلها على ماذكرناه.

قلنا: قد أبطلنا وجه الحاجة إلى التأويل، أو الوجه الموجب اعتراض سبب مانع من إثبات الكلام على أصله وحقيقته، وما يبدر إليه الفهم والتعارف، في عادات أهل الخطاب، ولم يوجد ذلك هاهنا؛ ولأنه لو أراد باليد النعمة لقال: لما خلقت يدي لما خلقت نعمتي فإن نعمة الدين والدنيا خلق لها.

ومما يحقق هذا أن الخلق بنعم الدين لا يصلح؛ لأن نعم الدين: الإيمان، والتعبد، والطاعة. وكل ذلك عندهم مخلوق، والمخلوق لا يخلق به. وكذلك نعم الدنيا هي اللذات من الشهوات، وهذه كلها مخلوقة، وبعضها أعراض، وهذا بطريق القطع لا يجوز أن يخلق به، فكان هذا التأويل من هذا الوجه باطل.

<<  <  ج: ص:  >  >>