ولما لم نجد أحدًا من المسلمين يقول إن الله مستوٍ على الحشوش والأخلية لم يجز أن يكون معنى الاستواء على العرش الاستيلاء الذي هو عام في الأشياء كلها وَوَجَبَ أن يكون معنى الاستواء يختص بالعرش دون سائر الأشياء قال وزعمت المعتزلة والجهمية والحرورية أن الله عز وجل في كل مكان فلزمهم أن يكون في بطن مريم وفي الحشوش تعالى الله عما يقول الظالمون علوًّا كبيرًّا ويقال لهم إذا لم يكن الله مستويًا على العرش بمعنى يختص به العرش دون غيره كما قال ذلك نقلة الآثار وكان الله في كل مكان فهو سبحانه تحت الأرض والأرض فوقه والسماء فوق الأرض وفي هذا ما يلزمهم أن الله تحت التحت والأشياء فوقه وهو عز وجل فوق الفوق والأشياء كلها تحته وهذا يوجب أنه فوق ما تحته وتحت ما فوقه وهو المحال الفاسد المتناقض تعالى الله ربنا جَلَّ جلالَهُ عن ذلك