وتخصيص هذه الأجسام القذرة والأجواف بالذكر فيه اتباع لطريقة القرآن في الأمثال والأقيسة المستعملة في باب صفات الله سبحانه فإن الإمام أحمد ونحوه من الأئمة هم في ذلك جارون على المنهج الذي جاء به الكتاب والسنة وهو المنهج العقلي المستقيم فيستعملون في هذا الباب قياسَ الأولى والأحرى والتنبيه في باب النفي والإثبات فما وجب إثباته للعباد من صفات المدح والحمد والكمال فالرَّبُّ أولى بذلك وما وَجَبَ تنزيه العباد عنه من النقص والعيب والذم فالرب سبحانه أحق بتنزيهه وتقديسه عن العيوب والنقائص من الخلق وبهذا جاء القرآن في مثل قوله ضَرَبَ لَكُم مَّثَلاً مِنْ أَنفُسِكُمْ [الروم ٢٨] وفي مثل قوله وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلاً [الزخرف ١٧] وغير ذلك فإنه احتج على نفي ما يثبتونه له من الشريك والولد بأنهم ينزهون أنفسهم عن ذلك لأنه نقص وعيب عندهم فإذا كانوا لا يرضَون بهذا الوصف ومثل السوء فكيف يصفون ربهم به ويجعلون لله مثل السوء بل للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوءِ ولله المثلُ الأعلى ومما يشبه هذا في حقنا قول النبي صلى الله عليه وسلم ليس لنا مثل السوء ولهذا شبَّه الله من ذمه