أصل ذلك أن علم الإنسان كله إنما يحصل بطريق الإحساس والمشاهدة الباطنة والظاهرة أو بطريق القياس والاعتبار أو بطريق السمع والخبر والكلام كما قال تعالى إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً {٣٦}[الإسراء ٣٦] والعبد الصادق يحصل له من المشاهدة الباطنة ما ينكشف به أمور كانت مغطاةً عنه ويفهم من كلام الله ورسوله والسلف معانيَ يشهدها لم يكن قبل ذلك يشهدها بل يظهر له قوله تعالى سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ثم قال أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ {٥٣}[فصلت ٥٣] أي أو لم يكفِ بشهادته وعلمه التي أخبرهم عنها في كتابه وهؤلاء المنافقون المرتدون الزنادقة ومن وقع في بعض ضلالاتهم من الغالطين الضالين هم في الشهود الذي يحصل لهم ويجعلونَهُ من جنس شهود المؤمنين مثل ما هم في المخاطبة التي تقع لهم ويجعلونها من جنس مخاطبة المؤمنين التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم إنه قد كان في الأمم محدثون فإنْ يكن في أمتي أحدٌ فعمر وقد رواه البخاري في صحيحه من