أحاط بجميع ما خلق وقد علم كيف هو وما هو من غير أن يكون في جوف شيء مما خلق وهذا أيضًا قياس عقلي من قياس الأولى قرر به إمكان العلم بدون المخالطة فذكر أن العبد إذا صنع مصنوعًا كدار بناها فإنه يعلم مقدارها وعدد بيوتها مع كونه ليس هو فيها لكونه هو بناها فالله الذي خلق كل شيء أليس هو أحق بأن يعلم مخلوقاته ومقاديرها وصفاتها وإن لم يكن فيها محايثًا لها وهذا من بين الأدلة العقلية وهذان القياسان أحدهما لإحاطته بخلقه إذ الخلق جميعًا في قبضته وهو محيط بهم وببصره والثاني لعلمه بهم لأنه هو الخالق كما قال سبحانه أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ {١٤}[الملك ١٤] وهؤلاء الجهمية نفاة الصفات كثيرًا ما يجمعون بين نفي علوه وكونه فوق العالم وبين الريب في علمه فكثيرًا منهم مستريب في علمه لا سيما من تفلسف منهم فتارة يقولون لا علم له وتارة يقولون لا يعلم إلا نفسه وتارة