وإذا كان كذلك فالإمام أحمد بنى الحجة على أن الله تعالى وحده كان متميزًا عن الخلق وهذه مخاطبة للمسلمين وسائر أهل الملل الذين يقرون بأنه خلق السموات والأرض في ستة أيام وأنها محدثة بعد أن لم تكن فإن الأمر إذا كان كذلك فمن أثبت محايثته للخلق أثبت محايثةً بعد أن لم تكن محايثة بخلاف ما لو لم يُقّر بذلك فإنه لا يثبت انفراده ومباينته أصلاً وهذا لا ريب أنه أعظم كفرًا وجحودًا للخالق كما تفعله الاتحادية من هؤلاء فإن هؤلاء كثيرًا إما أن يكون متفلسفة لكن المتفلسفة الضالون يقولون بقدم العالم إما معلولاً عن علة واجبة كما يقوله أرسطو وذووه وإما غير معلول كما يقوله غيرهم وهؤلاء ضموا إلى ذلك أنه هو العالم أو في العالم وأولئك الجهمية الذين ناظرهم الإمام أحمد وأمثاله كانوا أقرب إلى العقل والدين فإنهم لم يكونوا يقولون هو عين الموجودات ولا يقولون إنه لم يزل محايثًا لها ولا كانوا يظهرون أنه ليس بمباين للعالم ولا محايث له بل يقولون بنفي الاختصاص بالعرش بقولهم إنه في كل مكان ولا يكون في مكان دون مكان وإذا كان وحده ثم خلق الخلق فإما أن يقولوا إنه محلّ للخلق أو يقولوا إنه حلّ في الخلق أو