يقال لا يُعقل موجود خالٍ عن القدم أو الحدوث فكذلك لا يعقل موجود خال عن المباينة والمحايثة ونحو ذلك ما يظهر به تماثل التباين ومما يوضح ذلك أن من قال العالم قديم والباري متقدم عليه بالذات والغلبة وغير ذلك وهو محدث باعتبار تقدمه عليه يمكنه أن يقول أيضاً إن الباري فوق العالم بالذات والغلبة والرتبة وغير ذلك وهو تحته باعتبار عُلوَِه عليه ومن قال إنه متقدم عليه تقدماً حقيقيًّا بحيث يقدر الذهن بين وجوده ووجود العالم أزمنة لا نهاية لها كما يقدر ذلك في وجوده مفرداً وإن لم يكن لذلك وجود يقول إنه ظاهر عالٍ على العالم ظهوراً وعلوًّا حقيقيًّا بحيث يقدر الذهن بينه وبين العالم أحيازًا خالية كما يقدر ذلك في وجوده ووجود العالم وإذا كان ذلك تقديراً لما لا وجود له في الخارج فمن جعل علوه على العالم ليس إلا بالرتبة والقدرة ونحوهما فهو شبيه بمن جعل تقدمه على العالم ليس إلا بالرتبة والتوليد