فهو متقدم غير مقارن وإذا كان كذلك وقد قالوا إن العالم مقارن للباري لا يقدر وقت يكون فيه الباري إلا ويكون فيه العالم فقد أثبتوا مقارنة له مطلقًا ومنعوا أن يكون الباري متقدمًا عليه بوجه من الوجوه ومن المعلوم ببديهة العقل أن الفاعل للشيء لا بد وأن يكون متقدمًا عليه سواء سمي علة أو لم يسمَّ فإذا كان الفاعل لا يكون إلا متقدمًا على الفعل وعلى أصلهم يمتنع أن يكون متقدمًا عليه امتنع عندهم أن يكون رب العالمين أو خالقًا للعالم وأيضًا فكلُ ما وجبت مقارنته لغيره كان وجوده متوقفًا على وجود قرينه فيكون وجود الباري ممتنعًا إلا بوجود ما تجب مقارنته له وهو العالم فيكون الباري محتاجًا إلى العالم من هذا الوجه فإن قيل إنه علة له لا سيما إذا ثبت ذواتٌ غنية عنه فإنه يكون محتاجًا إلى غيره قطعًا كما يصرح بذلك الاتحادية منهم حيث يجعلون الباري والعالم كل منهما محتاجًا إلى الآخر ويكونون بما أوجبوه من مقارنة العالم له واحتياجه إليه قد جعلوه كفوًا له كما أنهم بما أثبتوه من تولده عنه قد جعلوه والدًا له فجعلوا الخلق ولدًا لله وكفوًا له وهو سبحانه في غير موضع من كتابه نزه نفسه عن الشريك والولد كما قال تعالى وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ [الإسراء