الصغير من ذهب أو فضة أو نحاس، هو من جنس المقدار الكبير، وهذا بعينه هو الذي نزه الله نفسه عنه في هذه السورة، وهو الذي سأل عنه من سأل من المشركين لما قالوا: هو من ذهب؟ هو من فضة؟ ونحو ذلك.
فمن قال بالتشبيه المتضمن هذا التجسيم فإنه يجعله من جنس غيره من الأجسام، لكنه أكبر مقدارًا، وهذا باطل ظاهر البطلان شرعًا وعقلًا. وهؤلاء هم «المشبهة» الذين ذمهم السلف، وقالوا: المشبه الذي يقول: بصر كبصري، ويد كيدي، وقدم كقدمي، فإن هذا التشبيه هو في الجنس، وإن كان المشبه أكبر مقدارًا من المشبه به، إذ لا يقول أحد إلا أنه أكبر. ومع ظهور بطلان قول هؤلاء، لم ينقل عنهم أنهم جوزوا عليه التبعيض والتفرق، لكن هذا لازم قولهم: فإنهم متى جعلوه من جنس غيره، جاز عليه ما يجوز على ذلك الغير، إذ هذا حكم المتجانسين المتماسكين. فهم إن أجازوا عليه من التبعيض والتفرق ما يجوز على مثله، لزمهم القول بجواز تبعيضه وتفرقه، بل بجواز فنائه وعدمه. وإن لم يجوزوا ذلك كانوا متناقضين، وقائلين ما لا حقيقة له، فإنهم يقولون: هو من جنسه وما هو من جنسه.