شيء كوجود تختلف عليه صورة الأجسام وهي عند التحقيق ترجع إلى تقدير ذهني لا حقيقة له في الخارج وكذلك تخيُّله أن حقائق الأنواع الكلية ثابتة في الأعيان الخارجية وأنها غيرها وكل هذا لأن الذهن يجرد العقول عن المحسوس والمعقولات أمور كلية ثابتة في الذهن والذهن يجردها تجريداً بعد تجريد كما يجرد العدد عن المعدود والأنواع عن الأشخاص والأقدار عن المقدورات ومن هذا الباب تجريده للكليات الخمسة فمن تخيل أن المجردات أمور ثابتة في الخارج كان نسبتها كمن رأى صورة في المرآة فظن تلك الصورة التي يراها في نفس المرآة موجودة في الخارج فجاء ليمسها أو لينالها كما ينال الصورة المحسوسة فلم يجد شيئاً ولاريب أن هؤلاء وسائر الذين كفروا كما قال تعالى وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ {٣٩} أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ