لاينازعون لأولئك في أنها لاتدل على ذلك ولم يُرد بها ذلك وأنه لايجوز أن يستدل بها على ذلك وإذا كانوا متفقين على عدم جواز الاستدلال بها على أن الله في كل مكان وعلى أن ذلك لم يُرد بها ولم تدل عليه لم تكن منافية ومعارضة لما استدل عليه به المثبتون بتلك الآيات وإذا لم تكن معارضة لها لم تكن المعارضة بها معارضة صحيحة وهذا بيِّنٌ لما يقابله فإن الاتفاق إذا حصل من الخصمين على أن قوله تعالى وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ [الأنعام ٣] وعلى أنها لم تدل على أن ذات الله في الأرض بل معناها أنه إلهُ مَن في السماء ومن في الأرض ونحو ذلك كانت الآيات الدالة على أنه الله فوق وأنه فوق العرش لا تعارضها هذه الآيات فإن كونه فوق العرش لايعارضه كونه معبوداً في السماء والأرض وكونه مع الخلق بعلمه وقدرته ونحو ذلك بل الذين يقولون ليس هو فوق العرش يوافقون المثبتة على أن معنى هذه الآيات فتعيَّن التأويل لهما أو لأحدهما ويجعل هذا معارضة في الدليل لا في الحكم أي أن التمسك بالظاهر يقتضي الجمع بين هذا وهذا وذلك ممتنع فتكون دلالة الإثبات منتقضة وهذه المعارضة باطلة فإن الأدلة على أنه مباين للعالم فوق العرش نصوصٌ كثيرة قطعية يعلم بالضرورة