استدرك حجة مثل حجج الزنادقة النصارى وذلك أن زنادقة النصارى يزعمون أن الروح الذي في عيسى هو روح الله من ذات الله فإذا أراد أن يحدث شيئاً دخل في بعض خلقه فتكلم على لسان خلقه فيأمر بما يشاء وينهي عما يشاء وهو روح غائب غن الأبصار فاستدرك جهمٌ حجةٌ مثل هذه الحجة فقال للسُّمني ألست تزعم أن فيك روحاً قال نعم قال فهل رأيت روحك قال لا قال فسمعت كلامه قال لا قال فوجدت له حسًّا قال لا قال فكذلك الله لا يُرى له وجه ولا يُسمع له صوت ولايشم له رائحة وهو غائب عن الأبصار ولايكون في مكان دون مكان ووجدت ثلاث آيات من المتشابه في القرآن قوله لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ [الشورى ١١] وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ [الأنعام ٣] لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ [الأنعام ١٠٣] فبنى أصل كلامه على هؤلاء الآيات وتأول القرآن على غير تأويله وكذّب بأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وزعم أن من وصف الله بشيء مما وصف به نفسه في كتابه أو حدث عنه رسوله كان كافراً وكان من المشبهة فأضل بكلمه بشراً كثيراً واتبعه على قوله رجالٌ من أصحاب أبي حنيفة وأصحاب عمرو بن عبيد