للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجه الثالث أن يقال إنه من المعلوم أن في هؤلاء وهؤلاء مَن قد يقول القولين اللذين هما في نفس الأمر متناقضان فإنهم مع ذلك نوعان منهم من يعلم التناقض ويقر بأحدهما إما لرغبةٍ وإما لرهبة ومنهم من لايعلم التناقض وهذا لاريب فيه فإنا نعلم خلقاً من الجهمية الذين ينكرون الصفات ويقولون هذه تجسيم والله ليس بجسم الذين يتظاهرون بالإسلام وهم في الباطن لايقرون بأن القرآن حق وما خالفه باطل ولا يقرون بأن محمداً هو رسول الله إلى جميع الخلق ولا يقرون بأنه تجب عبادة الله وحده لاشريك له ولا يقرون بالمعاد الذي أخبر الله به في كتابه بل منهم طوائف يجعلون اليهودية والصابئة والشرك كل ذلك أديان غير محرمة ولاأهلها كفار كدين الإسلام ثم من هؤلاء من يرجِّح الإسلام على سائر هذه الأديان ومنهم من لا يرجحه ومنهم طوائف يعتقدون أن الأنبياء إنما هم من عقلاء بني آدم وفضلائهم وبمنزلة الملوك الذين لهم علم وعدل وأنه إنما تجب طاعتهم في الأمور والسياسات الظاهرة التي هي نظام الدنيا فأما الأمور الدينية الباطنة النافعة في الآخرة من العلوم والأعمال فيدَّعون أنهم أعلم بذلك من الأنبياء والمرسلين أو مثلهم وأنهم مستغنون عن الرسل فيها ومنهم طوائف يجحدون خالق العالم جحداً

<<  <  ج: ص:  >  >>