أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا [غافر ٣٥] وهذا في كل من جادل في الله بغير كتاب منزل من السماء فإن الكتاب المنزل هو السلطان كما قال تعالى أَمْ أَنْزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ (٣٥)[الروم ٣٥] وقال تعالى أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُبِينٌ (١٥٦) فَأْتُوا بِكِتَابِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (١٥٧)[الصافات ١٥٦-١٥٧] وقال تعالى أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (٣٨)[الطور ٣٨] وإذا كان كذلك فالواجب أن يجعل ما بعث الله به رسله من السماء والكلمات هي الأصل والرد عند التنازع في النفي والإثبات وأما سائر ما يتكلم الناس به من نفي وإثبات فيرد إلى ذلك فما وافقه فهو الحق وما خالفه فهو الباطل وإذا كانت الألفاظ مجملة تحتمل ما يوافق كتاب الله وما يخالفه لم تقبل مطلقاً ولم تردّ مطلقاً بل يقبل منها ما وافق كتاب الله ويرد ما خالفه والمنافق المذموم الذي ذمه الله ورسوله هو من أظهر الإيمان بالكتاب والرسول وموالاة المؤمنين وأبطن نقيض ذلك فأما من استعمل التقية مع غير كتاب الله ورسوله وأهل الإيمان فليس هو هذا المنافق وإذا كان كذلك فالجهمية نفاة الصفات تنفي الجسم