دفعه الباطل بل يقال إما أن يكون هذا حقًّا أو خطأً فإن كان حقًّا فلا كلام عليه وإن كان خطأ فلا ريب أنه أبعد عن الخطأ من دعوى موجود لاداخل العالم ولا خارجاً عنه ولامبايناً لغيره ولامحايثاً له وكون القائم بنفسه لايباين القائم بنفسه إلا بالحقيقة والزمان أو كون القائم بنفسه لا يباين القائم ينفسه بالجهة ونحو ذلك من الأمور التي كُلُّ من فهمها وتصورها علم أنها مخالفة للحس والضرورة ولاريب أن الفطرة هي بذلك أعظم إقراراً منها بهذا فإنك إذا عرضت على كل ذي فطرة سليمة وجود موجود لاداخل العالم ولاخارجه أو وجود الباري لافوق العالم ولافيه ونحو ذلك يكون إنكاره بفطرته ذلك إنكاراً يضطر إليه لا يملك دفعه عن نفسه ولو عرضت عليه موجوداً فوق العالم مشاراً إليه بالحس لايوصف بأنه يبقى منه شيء في جوانبه الستة أو لايبقى لم يكن إنكاره لهذا بفطرته وبديهته كإنكاره لذلك فإنَّ فَهمَ هذا أدق وهو بعد فهمه أقرب إلى دخول الشبهة فيه من الأول ولهذا كان الذين قالوا ذلك فيهم من فضلاء المسلمين وأعيان العلماء ما ليس في أولئك فإن أولئك ليس فيهم من يقلده المسلمون فرعاً من فروع الدين فضلاً عن أن يقلدوه أصول دينهم ولا فيهم إلا من له مقالات تخالف إجماع المسلمين بل هو كفر صريح