واحد وهو العقل الأول ثم قال فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٥٠) وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٥١)[الذاريات ٥٠-٥١] فأمرهم بالفرار إليه وأن لايجعلوا معه إلهاً آخر فمن طلب نفي شيء عنه أو إثبات شيء له بالتسوية بينه وبين غيره فقد أشرك به ووقع فيما عنه فرَّ ولم ينجه إلا الفرار إلى الله وحده الوجه السابع عشر أن قول القائل في جميع هذه المعاني الثابتة في حق الرب أقصى ما في الباب أن يقول قائل هي لازمة ذاتية لاتقبل الانفصال والزوال كلامٌ فاسد فإن هذا ليس أقصى ما في الباب وليس هذا هو الفارق بين رب العالمين وبين بعض مخلوقاته بل بينهما من عدم التشابه والتماثل ما لا يدركه عقل عاقل وما يتصور من قدر مشترك فيه نوع مشابهة ما فتلك من أبعد الأمور بعداً عن الحقيقة بحيث لايقتضي مماثلة بوجه من الوجوه إذ هذه الأمور لا تقتضي مماثلة بين الوجودين المخلوقين فَأَنْ لا تقتضي بين وجود الرب الخالق ووجود المخلوق أولى وأحرى وهذا كقول القائل إذا كان حيًّا عالماً قادراً والعبد حيًّا عالما ً قادراً فقد ثبت أنه مركب أو انه مماثل ونحو ذلك أقصى ما في الباب أن ذلك تجب له هذه الأسماء وهذا لا تجب له أو أن يقول قائل إذا كان موصوفاً