الجسم بهذه المنزلة فضلاً عمن يقول أعني به القائم بنفسه الغني عن المحل وإن كان عنده كل قائم بنفسه مباين لغيره حامل للصفات لا يُشار إليه بأنه هنا أو هناك وهو الذي يعنيه غيره بلفظ الجسم لكن مع هذا كله لايقتضي أن كون المميز بين الباري وبين مخلوقاته مثل المميز بين الفلك والعناصر وهو عدم الانخراق بل هذا بمنزلة أن يقال إذا كان قائماً بنفسه فهو مساوٍ لسائر القائمات بأنفسها من السموات والأرض والحيوان والشجر والنبات أقصى ما في الباب أن يقول قائل هذه القائمات بأنفسها تقبل التفرق والانحلال وهو ليس كذلك أو يقول إذا كان حيًّا عالماً قادراً سميعاً بصيراً فهو مساوٍ لكل موصوف بذلك من الآدميين والملائكة والجن أقصى ما في هذا الباب أن هذه الصفات يمكن زوالها عن محلها وتلك الصفات لايمكن زوالها عن محلها بل اشتراك الجسام والقائمات بأنفسها والمخلوقات في هذه الأمور العامة لايُوجِب اشتراكها في حقائقها بل لكل من هذه الأجناس حقيقة وصفات تخصه هو بها مباين مخالف لغيره أعظم بكثير مما هو له مشابه وقد تقدم بيان هذا لما بينا فساد قول من يقول بتماثل الأجسام وأنها لما اشتركت في