للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المشترك من السماء والمعاني والصفات إنما ثبوتها في الأذهان لا في الأعيان وقد قدمنا أن هذا التقدير إنما يفعل للحاجة إلى زوال الاشتراك الذي في نفوس بني آدم الذين وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ (١٠٦) فيقدر تقديراً ليبين بتقديره ما فيه من افتقاره أو ما فيه من علو الله على غيره وأن له المثل الأعلى وأنه أحق بكل ثناء وأبعد عن كل نقص كما يقدر وجود مثل للباري أو شريك في الملك ونحو ذلك ليس بتقديره امتناعه وتنزُّه الباري عنه إذ كل ما ينزه عنه الباري تعالى عما يقول الظالمون علوًّا كبيراً من الشركاء والأولاد والأنداد والعيوب والنقائص وسائر ما يصفه به المبطلون الذين سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (١٨٠) فلابد من تصوره وتقديره في النفس ليُنفى عن الرب وينزه عنه إذ حكم الذهن بنفي الشيء وإثباته لايكون إلا بعد تصوره فلا يمكن نفي شيء وتنزيه الرب عنه إن لم يكن معلوماً متصوراً في الذهن وهو لاحقيقة له في الخارج فيكون مقدراً تقديراً بطريق المقايسة والمشابهة للمخلوق الموصوف ثم حينئذ يصير معلوماً فيُنفى ويسلب ويقدس الرب عنه وينزه وهذا الذي قلناه عام في كل أمر يُقدَّرُ مشتركٍ بين الرب وبين عباده من الأسماء والصفات وغير ذلك فليس بينهما قدر مشترك يستويا فيه ولكن هو أحق من كل موجود

<<  <  ج: ص:  >  >>