أبو الحسن قولين لأصحابنا في الاستواء أحدهما:[أنه] من صفات الذات. والثاني: أنه من صفات الأفعال. فمن صار إلى أنه من صفات الذات اختلفوا فيه، فصار الأكثرون منهم، إلى أن الاستواء على العرش، هو العلو عليه من جهة القهر، والغلبة، والانفراد بنعوت الجلال، وهذا المعنى وإن كان مدركًا بالعقل ولكن تسميته بالاستواء مستقاة من الخبر. قال أبو الحسن: من قال الاستواء صفة الذات فإنه سَمَّى الله به، حين خلق العرش، لأجل أن الاستواء يقتضي [تقريبه] إليه [ليـ]ـستوي عليه، ولم يكن في الأزل غير الله، فلم تكن تسميته به. قال: وقال بعض المتأخرين من أصحابنا: ويمكن أن يقال: لم يزل كانت له صفة الاستواء مطلقًا، بمعنى أنه على صفة يصح بها الاستواء على العرش إذا خلقه، كما يقول لم يزل الله قادرًا، وإن كان تعلق القدرة بالأحداث، يختص بحال الحدوث، وصار آخرون إلى أن الاستواء صفة خبرية يتوقف معناها إلى أن يرد خبر ببيانها» .