والإجماع الذي ذكره أبو المعالي لا أصل له؛ بل لم يقل ما ادعى فيه الإجماع أحد من أئمة المسلمين، لا من الفقهاء ولا أهل الحديث ولا السلف، وإنما قال هذا ابتداء من قاله من المعتزلة، واتبعهم على ذلك طائفة، ممن احتذى حذوهم في الكلام، من الأشعرية وغيرهم؛ وذلك لأن من أصلهم أنهم يقولون: إنهم عرفوا الله حق معرفته، وعرفوا حقيقة ذاته، فعلموا ما يوصف به نفيًا وإثباتًا. فلو جوزوا أن يكون له صفة لا يعلمون نفيها، ولا إثباتها بطل هذا الأصل. وهذا الأصل قد خالفهم فيه أبو المعالي، كما خالفهم فيه أئمته، وضرار بن عمر، وهم المخالفون فيه لسلف الأمة وأئمتها، وسائر أئمة العلم والدين، وقد حكينا ذلك في غير هذا الموضع، وأن أبا المعالي قال:«لا شك في ثبوت وجوده سبحانه، فأما الموجود [المرسل] من غير اختصاص بصفة تميزه عن غيره فمحال» قال: «ولكن ليس تتطرق إليها العقول، ولا هي علم هجمي، ولا علم مبحوث عنه، غير أنا لا نقول: إن حقيقة الإله لا يصح العلم بها؛ فإنه سبحانه يعلم حقيقة نفسه. وليس للمقدور