وذكر عن طائفة من الكرامية، أنهم أثبتوا لله مائية وكيفية.
فقد يقال: إذا كان أبو المعالي، قد أوجب ثبوت صفة لله، يمتنع علمنا بها الآن، كيف يصح أن يقال علمنا جميع ما يثبت له وينفى عنه من الصفات، وإذا كان قول طوائف بثبوت صفات له لا تعلم، وتجويز ذلك، كيف يحكي إجماع المسلمين على خلاف ذلك. هذا تناقض منه في كتبه. وقد يُقال: لم يتناقض، لأن الذي نفاه بالإجماع، تقدير صفة مجتهد فيها، لا يتوصل إلى القطع فيها بعقل أو سمع، وهو هنا قاطع بما أثبته، لا مجوز له فلا تناقض.
وقد يقال: بل إذا وجب إثبات حقيقة لا تعرف، لم يمتنع أن يكون لتلك الحقيقة صفة لا تعرف، فالجزم بنفي ذلك مع الجزم بثبوت تلك الحقيقة تناقض، وسواء كان تناقضًا، أو لم يكن تناقضًا فبطلان هذا الإجماع الذي ادعاه ظاهر، لكل من له من العلم أدنى نظر، وإنما هو كثير الاستغراق، في كلام المعتزلة وأتباعهم، قليل المعرفة والعناية بكلام السلف، والأئمة، وسائر طوائف الإسلام، من أهل الفقه والحديث والتصوف، وفرق المتكلمين أيضًا فحكى الإجماع، كما يحكي أمثال هذه الإجماعات الباطلة، أمثال هؤلاء المتكلمين، ولو كان الأمر كما ادعاه، فدعواه أن دلالة القرآن، والأخبار على ذلك،